سورة الأعلى - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعلى)


        


{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} يعني قل سبحان ربي الأعلى. وإلى هذا ذهب جماعة من الصحابة والتابعين.
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {سبح اسم ربك الأعلى} فقال: {سبحان ربي الأعلى}.
وقال قوم: معناه نزه ربك الأعلى عما يصفه به الملحدون، وجعلوا الاسم صلة. ويحتج بهذا من يجعل الاسم والمسمى واحدًا، لأن أحدًا لا يقول: سبحان اسم الله، وسبحان اسم ربنا، إنما يقول: سبحان الله وسبحان ربنا، فكان معنى سبِّح اسم ربك الأعلى: سبِّح ربك.
وقال آخرون: نزه تسمية ربك، بأن تذكره وأنت له معظّم، ولذكره محترم ولأوامره مطاوع وجعلوا الاسم بمعنى التسمية.
وقال ابن عباس: {سبح اسم ربك الأعلى} أي: صلِّ بأمر ربك الأعلى.


{الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} قال الكلبي: خلق كل ذي روح، فسوّى اليدين والرجلين والعينين. وقال الزجَّاج: خلق الإنسان مستويًا، ومعنى سوى عدل قامته.
{وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} قرأ الكسائي: {قَدَر} بتخفيف الدال، وشددها الآخرون، وهما بمعنى واحدٍ.
وقال مجاهد: هدى الإنسان لسبيل الخير والشر، والسعادة والشقاوة، وهدى الأنعام لمراتعها.
وقال مقاتل والكلبي: قدر لكل شيء مسلكه، {فهدى} عرّفها كيف يأتي الذكر الأنثى.
وقيل: قدر الأرزاق وهدى لاكتساب الأرزاق والمعاش.
وقيل: خلق المنافع في الأشياء، وهدى الإنسان لوجه استخراجها منها.
وقال السدي: قدر مدة الجنين في الرحم ثم هداه للخروج من الرحم.
قال الواسطي: قدر السعادة والشقاوة عليهم، ثم يسر لكل واحد من الطائفتين سلوك سبيل ما قدر عليه.
{وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} أنبت العشب وما ترعاه النَّعم من بين أخضر وأصفر وأحمر وأبيض.
{فَجَعَلَه} بعد الخضرة {غُثَاءً} هشيمًا باليًا، كالغثاء الذي تراه فوق السيل. {أَحْوَى} أسود بعد الخضرة، وذلك أن الكلأ إذا جف ويبس اسودَّ.


{سَنُقْرِئُك} سنعلمك بقراءة جبريل عليك {فَلا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ} أن تنساه، وما نسخ الله تلاوته من القرآن، كما قال: {ما ننسخ من آية أو ننسها} [البقرة- 106] والإنساء نوع من النسخ.
وقال مجاهد، والكلبي: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل عليه السلام، لم يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأولها، مخافة أن ينساها، فأنزل الله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى} فلم ينس بعد ذلك شيئًا. {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ} من القول والفعل {وَمَا يَخْفَى} منهما، والمعنى: أنه يعلم السر والعلانية.
{وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} قال مقاتل: نهون عليك عمل أهل الجنة- وهو معنى قول ابن عباس- ونيسرك لأن تعمل خيرا. و{اليسرى} عمل الخير.
وقيل: نوفقك للشريعة اليسرى وهي الحنيفية السمحة.
وقيل: هو متصل بالكلام الأول معناه: أنه يعلم الجهر مما تقرؤه على جبريل إذا فرغ من التلاوة، {وما يخفى} ما تقرأ في نفسك مخافة النسيان، ثم وعده فقال: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} أي نهون عليك الوحي حتى تحفظه وتعلمه.
{فَذَكِّر} عِظْ بالقرآن {إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} الموعظة والتذكير. والمعنى: نفعت أو لم تنفع، وإنما لم يذكر الحالة الثانية، كقوله: {سرابيل تقيكم الحر} وأراد: الحر والبرد جميعًا.
{سَيَذَّكَّر} يتعظ {مَنْ يَخْشَى} الله عز وجل.
{وَيَتَجَنَّبُهَا} أي يتجنب الذكرى ويتباعد عنها {الأشْقَى} الشقي في علم الله.
{الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} العظيمة والفظيعة، لأنها أعظم وأشد حرًا من نار الدنيا.

1 | 2